المجتمع والأخلاق
عمل الإسلام على تعليم النَّاس القيم الفاضلة ، وبيان محاسنها ، ومفاسد تركها ، حتى ترتقي الجماعة بذلك إلى المستوى الرفيع المطلوب منها ، في أداء حقوق الآباء والأبناء ، والأزواج ، والإخوة والأخوات ، وذوي الرحم ، والجيران ، والأصدقاء ، وعموم المسلمين ، حكاماً ومحكومين ، بل وبقية البشر .
ولقد أقام الإسلام جماعة المسلمين على دعائم خُلُقية عظيمة ، من الأخوة والتعاون والإيثار ، ومراعاة الفئات الضعيفة لتنهض إلى مستويات تليق بها ، وصان البيوت والأموال والأعراض ، وحرَّم التعدي عليها ، حتى يشعر الفرد بالأمان، الذي به يستطيع العيش حراً كريماً ، يؤدي دوره الذي أنيط به ، منطلقاً في حياته ، لا يجد ما يعكر عليه صفوها .
وقد حرص أعداء الإسلام على غزو المسلمين من خلال أخلاقهم ، لعلمهم أن حياتهم ستفسد بفسادها ، وكان مشروعهم التدميري هذا يعمل في محورين أساسين ، هما :
المحور النظري : بطرح المذاهب الفكرية المنحرفة ، التي يقوم عليها عالم الغرب خاصة ، وهي مذاهب مادية تجحد القيم الخلقية ، والمعاني الإيمانية ، وتتعامل مع الفرد على أنَّه مادةٌ لا روح فيه ، لذلك اتسمت حياتهم بالمادية الجافة ، التي خيمت بظلالها القاتم على جميع مرافق حياتهم .
والمحور العملي : بوضع أنظمته المادية موضع التنفيذ القسري ، في مجالات الاقتصاد ، والعلاقات الدولية ، والقضايا العلمية ، والاجتماعية ، وتجريم كل من يحاول الخروج عن أُطُرهم التي وضعوا ، وأنظمتهم التي سنَّوا ، وواقعهم الذي فرضوا ، فنشروا الفساد الخلقي بكلِّ صوره ، وعمموا الفوضى الجنسية في كلِّ مكان ، وفتحوا الباب لكلِّ شاذ ومنحرف ، وأوصدوه أمام كلِّ صادق ناصح ، واستغلوا ضعف المسلمين ، وتخلفهم عن مواكبة التمدن العصري ، وبعدهم عن كتاب ربِّهم ، وسنَّة نبيهم r ، وانشغالهم بالخلافات الجانبية التي أفشلتهم ، وأذهبت ريحهم، ورفعت البركة عنهم ، فأحكموا سيطرتهم على المسلمين .
وإذ تمكنوا من ذلك فإنَّهم قد هدموا حصوناً عديدة ، شملت العقيدة ، والعبادة ، والأخلاق .
كتبه
أحمد بن عبدالعزيز الحمدان