الاقتصاد والأخلاق
الاقتصاد إنفاقاً وكسباً ، وإدارةً وتخطيطاً ليس عمليات مادية بحتة ، بل هو استخلافٌ في إدارة مال الله تعالى الذي رزق عباده ، لذلك فإنَّ المسلم الحقَّ يستشعر هذا الأمر حال تعامله بهذا المال ، بل يجعله القاعدة الاقتصادية التي منها ينطلق ، ومن أجلها يسعى حتى يحقق معنى الاستخلاف في المال ، لذلك نجد المسلم الحقّ هو الذي يتعامل بالمال على أساس الصدق والنصح والتسامح ، ويبتعد عن الغش والتدليس ، والغرر والاحتكار والرشوة .
قال الله تعالى ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تأكُلواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ [ .
وقال رسول الله r : (( التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء )) وقال r : (( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبَيَّنا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما )) ومرَّ r على صبرة طعام فأدخل يده فيها ، فنالت أصابعه بللاً ؛ فقال : (( ما هذا ، يا صاحب الطعام ؟ )) قال : أصابته السماء ، يا رسول الله قال : (( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟ من غش فليس مني )) وعن ثوبان t قال : لعن رسول الله r الراشي والمرتشي والرائش ، يعني الذي يمشي بينهما .
بهذه الأخلاق العالية يكون تعامل المسلم مع المال ، وبهذه الأخلاق الكريمة افترق النظام الاقتصادي الإسلامي عن بقية النظم الاقتصادية ، التي تبيح كلَّ وسيلة في سبيل الحصول على الربح من أقصر طرقه ، وإن كان عن طريق الربا والاحتكار والميسر ، والمكاسب الخبيثة .
أمَّا العَالَم الملحد فإنَّه لا يقيم لهذه الأخلاق وزناً ، إذ الربح السريع غايته ، لذلك يسعى إليه من أقصر طرقه ، وإن كانت عن طريق دور السينما ، ونوادي القمار ، وقاعات الرقص ، وبيوت الدعارة ، ووسائل الإعلام الماجنة .
جاء في بروتوكولات حكماء صهيون : " إنَّ الغاية تبرر الوسيلة ، وعلينا ونحن نضع خططنا ، ألا نلتفت إلى ما هو خير وأخلاقي بقدر ما نلتفت إلى ما هو ضروري ومفيد " وفيها : " يتحتم علينا ألا نتردد لحظة واحدة في أعمال الرشوة والخديعة والخيانة ، إذا كانت تخدمنا في تحقيق غايتنا " وفيها : " ولكي نبعد الجماهير عن أن تكشف أيَّ خطِ عملٍ جديد ، سنلهيهم أيضاً بأنواع شتى من الملاهي والألعاب ، ومزجيات الفراغ ، والمجامع العامة " .
كتبه
أحمد بن عبدالعزيز الحمدان