المقتطفات


الأخلاق والحج

الأحد 17 صفر 1434 هـ , 30 ديسمبر 2012
 

 

الأخلاق والحج

 

 

 

 

 

 

 

    الحج : عبادةٌ جليلة ، ينفق العبد فيها المال العزيز على نفسه ، ويبذل الجهد للوصول إلى الديار المقدسة ، يفارق الأوطان ، ويهجر الأهل والولدان ، ويمنع نفسه الرفث والفسوق والعصيان ، ويلتزم فعل الصالحات ، والتزود من الخيرات ، واجتناب المنكرات ، كلُّ ذلك يتعلم منه العبد كيف يضبط سلوكه ، ويُحَسِّنُ خُلُقَه ، ظاهراً وباطناً ، فإذا استطاع أن يفعل ذلك مع كلِّ هذه المشاق ، فحري به أن يكون كذلك إذا عاد إلى بلده ، وانتفت عنه كلّ هذه المجاهدات ، أو جُلُّها .

 

    قال الله تعالى :

 

   ] الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِن خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [ .

 

    أَمَّا ذاك الذي لم يفقه من حجِّه إلا كونه تكليفاً بالمشاق ، وخوضاً لغمار رحلة مزعجة ، يُكْمِلُ بها ركناً من أركان الإسلام ، ليتخلص من تبعته ، فهذا ومن هو على شاكلته يحصل منه أن يبحث عن رخصة يتحلل بها من هذه الرحلة ، أو يأتي وقد امتلأت نفسه رغبة في إنهائها بأية طريقة كانت ، فيدفع هذا ، ويشتم ذاك ، ويأخذ بكلِّ رخصة يسمع بها ، لينفك عن التكاليف ، ويعود كما ذهب ، بل قد يعود أسوأ من حاله السابقة ، لكونه حمل لقب حاج ، فامتلأ غروراً وتيهاً وعُجْباً .

 

    وهكذا نجد كلَّ عبادة من هذه العبادات ؛ من صلاة وزكاة ، وصيام وحجٍّ قد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالأخلاق والسلوك ، لا تنفك عنهما أبداً ، وإن كانت في ظاهرها مختلفة ، لكنها في حقيقتها فيها اتحاد قوي ؛ وهو : إتمام صالح الأخلاق ، التي بعث من أجله رسول الهدى r .

 

                                                                                                                                                                كتبه
أحمد بن عبدالعزيز الحمدان

 

 
عدد الزيارات :  2613